Saturday, October 29, 2016

كاتب للبيع أو ألإيجار


انا كاتبٌ صحفيٌ على قدرٍ كبيرٍ من الطموح , حباني الله بإسلوبٍ جزلٍ أخّاذٍ و منطقٍ ساحرٍ يخلب الالباب , أقدّس الكلمة الحرة الشجاعة و المسؤولة, وأقدّر المواقف المبدئية . لي قدرةٌ منقطعة النظير على التحليل والتأويل و التبرير و التنظير, و كفاءةٌ مشهودٌ لها في المحاورة و المجادلة و الملاسنة و المثاقفة . صلبٌ دونما قساوة , لينٌ دونما رخاوة . ذو بأسٍ و بطشٍ في المناظرات , مترفعٌ عن المهاترات . رقيقٌ مرهف العبرات . أتقن البديع و البيان من سجعٍ و جناسٍ و طباق, وأكتب الشعرَ و النجوات , لكنني فظٌ إذا جدّ الجدّ , مقدامٌ غيرُ هيابٍ , لا اخشى في الدينا سوى ثلاث , الله و اجهزة المخابرات العربية وتجميد الحسابات الشخصية على الطريقة الاميركية . و انا على استعدادٍ لتجاوز الاولى انطلاقاً من إيماني بان الاسلام دينٌ سمح وأن الله رحيمٌ غفور . و قد اتجاوزعن الثانية اذا اتيح لي العمل و السكنى في النصف الشمالي من الكرة الارضية .
أبحث عن جهةٍ خارجية او داخلية لتمويل كتاباتي واستثمار مؤهلاتي و يفضل ان تكون اميركية او خليجية, و حبذا لو كانت استخباراتية او ذات علاقة بمراكز الابحاث او جمعيات حقوق الانسان او اية لجانٍ ثورية او احزابٍ مرموقة وطنية او اممية , على ان لا تكون ارهابية , فأن الثالثة لا طاقةً لي بها .
علماً انني ذو باعٍ و وخبرة , و قد سبق لي العمل لصالح بعض الجمعيات و الاطر المحلية , في مجال تسويق الافكار و تلميع الشخصيات , وان على نطاقٍ ضيق . كما انني اثبتّ براعةً لا يستهان بها في مجال تصنيع و تعليب الرأي العام المحلي .
ثم انني ذو توجهٍ مستنيرٍ و فكرٍ براغماتيٍ مرن , على درجةٍ عالية من الثقافة و قدرِ هائلٍ من العلم و المعرفة و الدراية . قرأت التلمود و التوراة و الانجيل والقرأن الكريم . ودرست النظم و النظريات الفلسفية و الاجتماعية من اليونانية و الرومانية حتى الماركسية و الوجودية والوجودية الحديثة ثم البنيوية .مروراً بالزرادشتية و الكونفوشيوسية و الخنفشارية و لم ادع حتى النظرية الحيوية و الكتاب الاخضر . و لا انسى النظرية القومية التي احفظها عن ظهرِ قلب . وإلى ذلك فأنني مطلعٌ على فن الاقناع و التأثير , من مدارس المناطقة و فلاسفة المعتزلة حتى مدرسة التهديد و الوعيد و فلسفة العصا و الجزرة . ناهيك عن تبحري في علم النفس التحليلي و علم الإحصاء و فبركة الإقتراعات الإيحائية .
إضافةً إلى ذلك , فأنني محدثٌ طلقٌ لبقٌ حاضرُ البديهة , ذو حضورٍ و وجهٍ فوتوجينيكي , و صوتٍ جهوريٍ موقّع يوحي بالصدقٍ والفخامة, و مظهرٍ انيقٍ جذابٍ (خاصةً إذا ما ارتديت بذّةً رسمية) يؤهلني لشغل بعض ساعات البث كمحللٍ سياسيٍ او مناظرٍ في إرقى المحطات التلفزيونية الفضائية إذا ما اقتضت طبيعة العمل .
للحصول على نماذج من مقالاتي و تحليلاتي , او للإتفاق على السعر و المدرسة الفكرية و العقائدية التي سأنطلق منها حين العمل , يرجى مكاتبتي على العنوان الالكتروني التالي :
katibhayoub@hotmail.com

غسان ابو العلا
26/9/2003 

Tuesday, October 18, 2016

مهدي الشيعة .. عقلنة الأسطورة



الإمام محمد بن الحسن بن علي نفسه يشكّل مثالاً نموذجياً عن قدرة السطوة الدينيّة وحدها على إكتساب شرعية سياسية بمعزلٍ عن السلطة العسكريّة. فقد إعتادت جيوش المسلمين في فتوحاتها على جعل عشرين بالمائة من الغنائم (سلعاً وسبايا وما إلى ذلك) حصةً خالصةً للرسول وآل بيته حسب تعاليمه وأيضا حسب ما جاء في إحدى الآيات من سورة الانفال:”واعلموا انما غنمتم من شيءٍ فان لله خُمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل". وكان الرسول يتصرّف بهذه الغنائم والأموال فيقسمها بين أقربائه ويتصدّق ببعضها  وبعد وفاة الرسول انتقلت هذه الحصة من أسهم الغنائم والثروات إلى أقربائه والذين منهم احفاده من ابنته فاطمة زوجة ابن عمه عليّ ابن أبي طالب, وهما الحسن والحسين, ثم جعلها التشيّع الفارسي الأصل مقتصرةً على أبناء الحسين بن علي من زوجته الفارسية الذين لم يمتلكوا القوّة العسكريّة لكنهم احتفظوا بسلطتهم الدينيّة وأستمرّ أشياعهم يؤدّون لهم الخمس ليس فقط من الغنائم إنما من ثرواتهم ووممتلكاتهم ولا يزال المتدينون منهم إلى زمننا هذا يقومون كل تمام سنةٍ على أموالهم بإقتطاع خمسها وتأديته إلى مراجعهم وشيوخهم اللذين يقدّسون. (حسن نصرالله امين عام حزب الله هو أحد هؤلاء المراجع ”السُيّاد” الذين يعتقد أبناء الطائفة الشيعيّة أنهم متحدّرون من النبي محمد, كذلك حوثيّ اليمن وسيستاني العراق ومقتدى الصدر وآيات الله الإيرانيين وآلاف مؤلّفةً سواهم). في الفترات التي كان بطش الدولتين الأمويّة ثم العبّاسية يشتدُّ فيها على أشياع علي وأحفاده كان هؤلاء يختبئون في أمكنةٍ بعيدةٍ عن أعين العسس ويعيّنون وكلاءَ لهم يجمعون لهم الخُمس ويوصلون لأتباعهم رغباتهم وقراراتهم وفتاويهم الفقهية وطبعا دعواتهم وبركاتهم. وأرى ان الحسن العسكريّ حادي عشر الأئمة الشيعة لم يكن له ولد وقد ذكرت الكثير من المراجع التاريخية هذا الأمر, وأغلب الظن عندي ان الإدعاء بوجود ولدٍ مخفيٍّ للحسن العسكريّ قرّر ان يغيب عن انصاره هو من إختراع عثمان بن سعيد العمري الذي كان وكيلاً للحسن يجبي له الأخماس لقاءَ أجر فلما مات الأخير استمر بجبي تلك الأخماس للإمام المخترَع والذي ادعى غيبته الصغرى ثم الكبرى, والثانية جاءت, حسب رأيي حتى يورث هذه المهنة التي تدرّ ذهباً ”حرفياً” من بعده إلى ولده محمد ابن عثمان العمري واستطالت هذه الوكالات وتشعبّت مع النمو السكاني فترى الآن الألاف منهم وكلُ عائلةٍ أو دسكرةٍ أو قرية شيعيةٍ من الطائفة الإثني عشرية تختار من بينهم الوكيل الذي تؤمن به وتؤدي له الخمس.

صفحة من كتابي "الخديعة - منظّمة الفساد الفلسطينيّة" 

Tuesday, October 11, 2016

الدول السورية عقب الحقبة العثمانية



-          الدولة العلويّة 

أنشئت في منطقة الساحل السوريّ ذات الأغلبيّة العلويّة وكانت عاصمتها مدينة اللاذقية. ولقد انضمّت هذه الدولة إلى الإتحاد الفيدرالي السوريّ المكوّن من دولة حلب ودولة دمشق لكنها عادت وأعلنت استقلالها بعد عامين من هذا الانضمام. وقد تغيّر إسمها في العام 1930 لتصبح حكومة اللاذقية المستقلّة وحافظت على إستقلالها حتى الخامس من كانون الأول 1936 حين انضمّت إلى الجمهورية السوريّة وبلغ عدد سكانها حوالي الثلاثمائة الف

-          دولة جبل الدروز

أنشئت في الجنوب السوريّ ذي الأغلبيّة الدرزية وكانت عاصمتها مدينة السويداء وتعداد سكانها حوالي الخمسين ألف. بقيت مستقلة حتى تاريخ انضمامها للجمهورية السوريّة في 1936

-          دولة حلب

 وكانت ذات أغلبيّة سنيّة وضمت الشمال السوريّ إضافة إلى حوض الفرات الخصيب في شرق سوريا واضيف إليها سنجق الإسكندرون في العام 1923. كانت عاصمتها مدينة حلب التي يسكنها إضافةً إلى المسلمين السنّة بعض الجاليات المسيحيّة واليهودية. لم تستمر هذه الدولة سوى إلى العام 1925 بسبب معارضة سكانها للإنفصال عن سوريا فأعاد الفرنسيون ضمها في إتحاد سوري مع دولة دمشق

-           دولة دمشق

وينطبق عليها ما ينطبق على دولة حلب, معظم سكانها من المسلمين السنة المعارضين للإنفصال وشكّلت مع دولة حلب (ودولة العلويين لفترة قصيرة) الإتحاد السوريّ

-           جمهورية هاتاي (سنجق اسكندرون)

 تمتّع بالحكم الذاتي في بين الأعوام 1921_1923 بمقتضى إتفاقية وقّعت بين فرنسا وتركيا كون نصف سكانه تقريباً هم من الأتراك إضافةً إلى خليط من أغلب الطوائف والأعراق السوريّة ضمّ مسلمين سنّة وعلويين ومسيحيّين أرثوذكس وكاثوليك وموارنة وأرمن وكرداً وسريان وأشوريين. ضمّته فرنسا في العام 1923 إلى دولة حلب ثمّ عادت وتراجعت عن الضم في 1925 وبقي السنجق تحت الإنتداب الفرنسي المباشر حتى العام 1938 حين اجتاحه الجيش التركي بموافقةٍ فرنسية وعمل على طرد الكثير من العرب منه ليصبح إسمه جمهورية هاتاي قبل ان يوافق سكانه في استفتاءٍ عامٍ تمّ التلاعب بنتائجه على الإنضمام إلى تركيا وأُعلن مقاطعةً تركية في العام 1939.

صفحة من كتابي "الخديعة – منظّمة الفساد الفلسطينيّة"

Saturday, October 1, 2016

يوم مرّت طريق فلسطين من أوزو


ان الهوس الذهاني الذي عانى منه معمّر القذافي (Megalomania) أو ما يترجم شعبيّاً باسم جنون العظمة دفعه إلى البحث الدائم عمّا يشبع نهم نرجسيّته وأناه المتضخّمة من "أمجادٍ" متوهّمة. وذلك الهوس هو الذي دفعه إلى ابتكار "النظريّة العالميّة الثالثة" بمساعدة كتّابٍ مستأجرين, وكذلك إلى مدّ العشرات من الفصائل المسلحّة في الدول العربيّة والغربيّة بالمال حتى وصلت أمواله إلى الجيش الجمهوري الإيرلندي. ولم يكتف القذافي  بالمجد" الذي صنعه في أوروبا وآسيا وفي الشرق  الأوسط بل امتدّت طموحاته التي غذّتها الثروة الهائلة التي تجمّعت لديه خصوصاً بعد الإرتفاع الصاروخي في أسعار النفط في الثمانينات, لتشمل القارة الأفريقية. وقد آتته الفرصة في البلد الإفريقي الملاصق لحدوده الذي يعاني من أزماتٍ سياسيّة وعرقيّة وعدم إستقرار أمني, وهو تشاد الذي يساهم القذافي بدعم الصراعات فيه عبر تمويل بعض فصائله المسلّحة بحثاً عن النفوذ.
رغم ان مساحة ليبية هي مليون وسبعمائة وخمسون ألف كم مربّع أي ان نسبة الكثافة السكانيّة فيها مقسومةً على 6 ملايين هو عدد سكان ليبيا تجعل حصة الفرد الليبيّ من المساحة تبلغ 30 كيلومتر مربّع وهي واحدة من أقلّ نسب الكثافة السكانية في العالم, إلّا ان العقيد القذافي اختلق مع تشاد أزمةً سياسيةً استمرّت سنواتٍ طويلة واستعرّت أكثر من مرّة وتحوّلت إلى صراعٍ مسلّح. أساس تلك الأزمة كان ادّعاء القذافي ان الشريط الحدودي التشادي المحاذي لليبيا والمعروف بإسم قطاع أوزو هو أرضٌ ليبيّة وتبلغ مساحة القطاع أكثر من مائة ألف كيلومتر مربع وهو غنيٌّ باليورانيوم. ورغم ثروة القذافي الهائلة وضخامة حجم الأموال التي بدّدها على التسلّح إلّا انه لم يفلح رغم ترسانته العسكريّة في بناء جيشٍ قويٍّ بسبب افتقار ليبيا إلى البُنى الحداثيّة والحضاريّة والإجتماعيّة التي يستوجبها بناء جيوشٍ قويّة أو أية مؤسّساتٍ عسكريّة أو مدنيّة أخرى, فقد تشتري الثروات عتاداً وربما جيوشاً انما لا يمكنها ان تشتري انتصارات.

دائماً ما يبالغ قادة الفصائل المسلّحة الفلسطينيّة واللبنانيّة وسماسرة المقاومة والنضال والكفاح في عديد قوّاتهم وقدراتهم العسكريّة أمام القذافي لتبرير حجم "المصروفات" الهائلة التي يتقاضونها منه مما أوهمه ان لديهم جيوشاً عرمرميّة ودفعه إلى الإستعانة بهم لبسط نفوذه في القارة الإفريقية بشكلٍ عام وفي تشاد وقطاع أوزو بشكلٍ خاص. فحين استعرّت الأزمة مع البلد الإفريقي المجاور وتحت شعار قوميّة المعركة وجّه القذافي إلى هؤلاء القادة "دعوةً" لا يستطيعوا رفضها لمشاركته شرف النضال في أوزو كما يشاركهم شرف النضال ضد إسرائيل فاُسقط في أيدي أولئك المناضلين ووجدوا انفسهم في ورطة. فإنهم من جهة أولى إذا ما فشلوا في تزويد القذافي بالمقاتلين فسوف يمنع عنهم الأموال المستقبليّة ومن جهة أخرى فانهم في الحقيقة لا يمتلكون العديد الذي يوهمون به القذافي فابتدعوا فكرة التسويق لدوراتٍ عسكريّة تجري في ليبيا يتلقون خلالها الشاب المنضوي في تلك الدورات راتباً مقداره 1500 دولاراً عدا عن الرتبة العسكريّة التي سيحصل عليها في نهاية التدريب. هذا الراتب الشهري الموعود يعتبر ثروةً في بلدٍ مثل سورية يكاد راتب العامل فيه, مع حساب فترات البطالة لا يتجاوز الخمسين دولاراً شهريّا. كذلك كان الامر في لبنان المنشغل بحروبه الداخليّة حيث يخوض أتباع الفصائل اللبنانيّة العسكريّة حروباً ضروس مقابل مائتيّ أو ثلاثمائة دولاراً في أحسن الأحوال.

بعد استلام دعوة (أو أمر) القذافي بادر المتموّلون إلى إطلاق حملة ٍإعلاميّة تضليليّة استطاعوا من خلالها جمع الآلاف من الشباب المغرّر بهم وسمحت لهم سوريا – التي شاركت أيضاً في تلك الحملة بطيّاريها وضبّاط مدفعيتها كون نظامها من أبرز المستفيدين من ثروات الليبيّين  _ بإستخدام مطارها للمغادرة دون وثائق سفرٍ على طائراتٍ ليبيّة عملت لهذه الغاية على خط دمشق وطرابلس.

إضطرّت كللّ الفصائل التي تتلقى أموالها من العقيد القذافي إلى المشاركة في تلك الخدعة ومن بينها الحزب الشيوعيّ اللبناني, الحزب القومي السوريّ, التقدمي الإشتراكي, القيادة العامّة, الجبهتين الشعبيّة والديموقراطيّة, فتح الانتفاضة, جبهة النضال الشعبي , لمجلس الثوري وما إلى هنالك من "بسطاتٍ" نضاليّة وكنت انا من ضمن هؤلاء المغرّر بهم انما تحت شعار آخر هو الإلتحاق بالقوّة البحريّة فكوني ضابطاً لم يستطع صديقي "سمسار النضال"  يوسف عمر إيهامي بقصّة الدورة العسكريّة.

"الخديعة – منظّمة الفساد الفلسطينيّة"

Friday, July 29, 2016

كنعان وإسرائيل والفلستيّين

كنعان وإسرائيل والفلستيّين 
صفحة من كتابي الدولة المخصيّة _ تحت الطبع 

رغم شيوع مصطلح "الساميّين" الذي سكّه العالم النمساوي شلوتسر عام 1781م مستعيراً الإسم من الإسطورة التوراتيّة التي قسّمت البشريّة في سفر التكوين إلى ثلاثة أقسام جاءت جميعها من صلب أبناء نوح الثلاثة, سام وحام ويافث, إلّا ان المعني بهذا المصطلح حقيقةً هو العرب. إذ أن جميع الشعوب الساميّة التي استوطنت بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين تشكّلت من هجراتٍ متتاليةٍ من قبائل شبه الجزيرة العربية, وهو ما يراه عددٌ من المستشرقين بينهم المؤرّخ لويس سبرنجر. ومن الشعوب العربيّة التي استوطنت فلسطين في فتراتٍ متعاقبة, إضافة إلى الكنعانيّين والإسرائيليّين كان هناك العماليق الذين تمدّدوا من مصر عبر سيناء حتى وصلوها, والمعينيّون الذين أقاموا مملكتهم في اليمن (1300-630 ق.م) وامتدت عبر شمال الحجاز لتصل إلى جنوب فلسطين. وكذلك الميديانيون وقبائل قيدار وجثم والأنباط الذين أقاموا دولتهم في القرن الخامس ق.م على التخوم الشرقيّة لنهر الأردن وكانت عاصمتها البتراء, وكذلك الفلستيّون, وإن كان الأخيرون مختلفاً عليهم.
يكاد أغلب الباحثين يجمعون على أن الفلستيّين هم من شعوب البحر المقاتلة التي قطنت جزر بحر إيجة وخصوصاً جزيرة كريت قادمةً من اليونان وأواسط أوروبا. احتلت هذه القبائل سواحل سوريا أواخر القرن الثامن عشر ق.م وانطلقت منها لتهاجم مصر في عهد رعمسيس الثاني لكن الأخير تمكّن من صدّهم في معركة بحرية عام  1191 فانكفأوا إلى ساحل جنوب فلسطين حيث أسسوا مدناً خمسة هي غزة وعسقلان وجت وعقرون وأسدود. ولقد ذابت هذه القبائل تدريجيّاً في القبائل الكنعانيّة التي غزتها فتبنّت آلهتها ولغتها ثم اصبحت جزءاً لا يتجزّء منها.
على أنّ باحثين آخرين يرجعون أصل الفلستيّين, ومعهم الإسرائيليّين إلى منطقة عسير شمال غرب شبه الجزيرة العربيّة. ويؤكّد جورج صليبي في كتابه "التوارة جاءت من جزيرة العرب" على أن الفلستيّين هم قبائل سكنت ساحل عسير وكانوا يتكلمون نفس لغة العبرانيين كما تشير أسمائهم , ابيمالك واحزّات بمعنى الآخذ , وتشير لهم التوراة بطريقة خاص على أنهم الغلف اي غير المختونين . وكان لهم إلههم الخاص داجون (من دجن أي حنطة أو طحَن) وهنا تلاحظ ظاهرة قلب حرفي الحاء والخاء تماما مثل ظاهرة التبادل المعتادة بين حرفي الشين والسين أو العين والغين أو الصاد والظاء. ولا يزال يوجد إلى الآن قرية تدعى الفلسة (ويقابلها بالعبرية فلشة) تقع في حوض وادي بيشة في عسير إلى الشمال من قرية القرارة. ويفسّر صليبي تحريف الإسم بقوله "لو أطلق الإسم العبري على سكانها (قرية الفلسة) لسمّوا فلشتيم وهو جمع النسبة بالعبرية". ويضيف بأن الفلستيّين قد أطلقوا على مدنهم أسماء هي في الأصل أسماءٌ لأماكن في غرب شبه الجزيرة التي جاؤوا منها مثل غزّة وعسقلان. ويرى أيضاً ان الأسماء الساميّة لآلهتهم مثل داجون , الذي يعني الحنطة بالعبريّة مردّها إلى كونهم ساميّين عرب وليس إلى اعتناقهم الديانة الكنعانيّة لاحقا. لكن مسألة إشارة التوراة إلى الفلستيّين بكونهم الغلف التي أوردها صليبي تنقض نظريته دون أن ينتبه إلى ذلك, إذ أن الختان هو تقليدٌ تتّبعه كافة  القبائل العربيّة ولا يختصّ باليهود فقط كما تذكر التوراة. وقد يكون هذا التقليد قد انتقل إلى شبه الجزيرة قادماً من أفريقيا وبالتحديد من القرن الإفريقي عبر البحر الأحمر. أو لربما يكون العكس هو الصحيح أي أن الهجرات العربيّة إلى مصر وشمال إفريقية هي التي حملت نفس التقليد من الجزيرة العربية إلى الأراضي المصريّة وإن كان لا يوجد ما يرجّح أيّاً من هذين الأمرين أو ينفيهما
إثر موجة الهجرة الكنعانيّة/الأموريّة استوطن الأموريّون في جنوب وشرق بلاد الشام فيما حلّ الكنعانيّون في ساحلها وجنوبها الغربي أي ما يعرف اليوم باسم فلسطين. وقد ارتحل لاحقاً جزءٌ من أموريّي الداخل الشامي نحو العراق وشكّلوا فيها السلالة البابليّة وكان ذلك حوالي القرن التاسع عشر ق.م. ورغم أن الصدام الحربي الأول بين الإسرائيليّين والكنعانيّين (ومعهم الفلستيّين) قد حدث أواخر القرن الثاني عشر أو أوائل القرن الحادي عشر ق.م إلّا أن بعض الباحثين يرجعون تاريخ استيطان بني إسرائيل السلميّ لأرض كنعان إلى أواخر القرن التاسع عشر ق.م وينسبونهم إلى العرب الأموريّين, مما يرجّح عندي الميل إلى فرضيّة ان الإسرائيليّين ما هم إلّا قبيلة كنعانيّة أساساً, اضطرتها ظروف القحط في أرض كنعان إلى الهجرة نحو مصر, إذ ان الكنعانيّين هم هم أنفسهم الأمّوريون وكذلك الفينيقيون وقد اكتسبوا اسماءهم المختلفة إما من مناطق سكناهم أو من تسمياتٍ أطلقت عليهم من قبل مختلف الحضارات المجاورة لهم. وإذا صحّت قصة الإستعباد التوراتيّة فإن أربعة قرونٍ كانت كافيةً لجعل قبيلة بني إسرائيل في مصر تتخّذ لنفسها هويّةً خاصّة بها وتنفصل عن جذورها التي طواها النسيان, خصوصاً ان الإختلاط أو على الأقل التماس الثقافي والإجتماعي مع المصريّين لا بدّ قد عدّل جوهريّاً في عادات وتقاليد وحتى ديانة هذه القبيلة المهاجرة ثم المستعبَدة ثم الهاربة إلى أرض الميعاد.  
بعد "استضافة" المصريّين للإسرائيليّين مدة أربعة قرون, ثمّ خروج موسى بهم نحو صحراء سيناء ووفاته هناك وتعيين يشوع بن نون على رأس تلك القبائل الإسرائيليّة, شنّ الآخير حملةً عسكريّةً شرسة ضد الكنعانيّين كان النصر فيها حليفاً للإسرائيليّين. رغم هزيمة الكنعانيّين العسكريّة إلّا انهم احتفظوا ببعض مدنهم خارج سيطرة القادمين الجدد ولم تتمّ السيطرة التامّة على أرض كنعان. وكذلك بقي الفلسطينيّون (الفلستيّيون) الذين استوطنوا غزّة وعسقلان جنوب فلسطين ووصل امتدادهم إلى تخوم مناطق الكنعانيّين في الكرمل, بعد قدومهم من كريت حسب بعض الباحثين أو من منطقة عسير في شبه الجزيرة العربية حسب آخرين, شوكة في خاصرة القبائل الإسرائيليّة التي باتت تسيطر على غالبية الأراضي الفلسطينيّة. هذا الخطر المحدق الذي شكّلته القبائل الفلسطينيّة دفعت نظيراتها الإسرائيليّة إلى التوحّد فأقامت جميعها مملكةً إسرائيليّة واحدة وجعلت على عرشها شاوول بن قيس نحو عام 1020 ق.م (يطلق عليه اسم طالوت عند العرب المسلمين) وكانت تلك هي المرّة الأولى التي امتلكت فيها القبائل الإسرائيليّة كياناً سياسيّاً خاصّاً بها.


Wednesday, April 13, 2016

شعارات الزمن الجميل

طالما تشدّق اليسار العربي على مدى عقودٍ بشعارات مناهضة "الرجعيّة العربيّة" المتحالفة مع الإمبرياليّة الأمريكيّة.
راهناً, فضّت أمريكا تحالفها مع "الرجعيّة العربيّة" التي هي دول الخليج العربي واستبدلته بالتقارب مع إيران.
اليسار العربي إياه, الذي اضطّره رحيل الإتحاد السوفياتي الصديق والجماهيرية العظمى المرضعة وبعثيّ العراق والشام الظهيرين إلى الرضاعة من خامنئي حصراً, وجد نفسه في نفس الخندق مع الإمبريالية الأمريكية ولكنه لا يزال أميناً لشعاراته الخشبيّة ومنها مناهضة الرجعيّة العربيّة إنما هذه المرّة "غير" المتحالفة مع الإمبريالية الأمريكية .

Monday, April 11, 2016

جهاد البناء .. حصاد الدماء


لئن كانت دول الحداثة تعتمد الشفافية المالية فإن شفافية دول الموز هي خلاف اللصوص على اقتسام الغنائم. فإضافةً إلى تحويل ملف محمد دحلان إلى القضاء الفلسطيني بتهمة الفساد قامت لجنة مكافحة الفساد ( الفاسدة بدورها ) والتي شكّلها عباس لمقارعة خصومه, ايضاً بتحويل محمد أرشيد الكردي الذي كان ياسر عرفات قد ائتمنه على إستثمار ملياري دولار إلى القضاء بنفس التهمة. مما جعل رشيد هذا يكشف عن أن حجم ثروة محمود عباس يبلغ 100 مليون دولارا إضافةً إلى 27 مليون دولار هي أثمان عقارات يملكها عباس في الأردن وتونس موضحاً ان عباس يتلاعب بالمال العام ويتلقّى الرشاوى كما أنه كان يجمع الملايين من المؤسسات الفلسطينية عند كلّ انتخابات إسرائيلية بحجة دعم لقوائم العربية ولا من رقيبٍ أو حسيب . ولعلّ هذه ال 100 مليون دولار هي أخفّ اوزار ملك اللصوص هذا فعلي بابا له عدا الأربعين حرامي ولدان فاقاه في اللصوصية ولإن كان الله قد ابتلى سوريا برامي مخلوف القائم على غسيل أموال آل الأسد والمعروف بالمستر خمسة بالميّة وهي النسبة التي كان يقتطعها من أيّ مشروع يقام في سوريا, وهو ايضاً صاحب الأيادي البيضاء حيث أعلن في مؤتمر صحفي عقده بُعيد اندلاع الثورة السورية بأنه سيتخلّى عن كامل ثروته البالغة 5 مليارات دولار حسب التقديرات الأميركية , لصالح الأعمال الخيريّة, ثم كان العمل الخيري الوحيد الذي قام به هو تأسيس جمعية البستان والتي تعمل على دفع رواتب الشبّيحة الذين يقاتلون الشعب السوري ويحمون مصالح صاحب الأيادي البيضاء ومصالح ابن عمته وشريكه بشار الأسد, فإن الله قد ابتلى الفلسطينيين بإثنين من نوع رامي مخلوف هما السيدان ياسر وطارق محمود عباس .
نشرت مجلّة الفورن بوليصي التي تعنى بالشؤون السياسية العالمية بتاريخ 5 حزيران 2012 تحقيقاً كتبه الصحفي جوناثان شانزر بتاريخ 5 حزيران 2012 ( ولأهمية المعلومات وندرة المصادر ذات المصداقية سيكون إقتباسي طويلا ) يتعلّق بالفساد داخل السلطة الفلسيطينية . ان ياسر محمود عباس والذي يحمل الجنسية الكندية ودرس الهندسة في جامعة ولاية واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية, تخرّج عام 1983 وعمل بعدها لدى شركة إنشاءات خليجية لأكثر من عشر سنوات إلى أن عاد عام 1997 إلى رام الله وأنشأ شركاته الخاصة . وتابعت المجلة تقول نقلاً عن تورنتو ستار إحدى أكثر الصحف الكندية إنتشاراً: أنّ ياسر الآن يمتلك شركة فالكون توباكو التي تحتكر بيع جميع السجائر الأميركية في أراضي السلطة الوطنية كما أنه يترأس مجموعة فالكون القابضة وهي تكتل شركات وتمتلك شركة فالكون للمقاولات الكهربائية والميكانيكية وهي شركة هندسية تأسست عام 2000 ولها فروع في غزة والضفة الغربية والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة . وتابعت المجلة المعروفة بمصداقيتها تقول: هذا النجاح الذي حقّقه ياسر محمود عباس في عالم الأعمال ما كان ليتمّ لولا مساعدةٍ من العم سام وفقاً لسلسلة تقارير نشرتها وكالة رويترز للأنباء عام 2009 حيث تلقى من هيئة المساعدات الأميركية عام 2005 مبلغ 1.89 مليون دولار لإنشاء نظام مجارير في مدينة الخليل في الضفة الغربية . وتابعت الصحيفة نقلاً عن نبذة كتبها في الإنترنت عن نفسه ان مجموعة فالكون القابضة لها أذرعٌ أخرى إضافية منها شركة خدمات الإتصال العالمية وشركة فالكون للإستثمارات العامة ولقد سبق لياسر أن تفاخر في مقابلة مع مجلة إماراتية , والكلام لا يزال للفورن بوليصي , أن إيراداته السنوية تبلغ ما يقارب ال35 مليون دولار . وتتابع المجلة: هذه ليست كلّ شركات ياسر , فإنه مدرجٌ في لائحة شركة ” رصد مخاطر الإئمتان ” ومقرها في نيويورك بصفته ايضا رئيس شركة المشرق للتأمين والتي لها 11 فرعاً في أراضي السلطة وقيمة هذه الشركة حسب البورصة الفلسطينية هي 3.25 مليون دولار . وأخيرا , تضيف المجلة , فإن ياسر هو المدير العام لشركة ” فيرست أوبشن للإدارة والإنشاء ” والتي يبدو حسب ما جاء في الموقع الإلكتروني للشركة بأنها تقوم بالكثر من المشاريع العامة بعقود مع السلطة الوطنية كالطرق والمدارس ولها فروع في عمان وتونس والقاهرة والجبل الأسود ورام الله ولقد أوردت وكالة رويترز للأنباء ان هذه الشركة ايضاً تلقّت ما يقارب 300000 دولار من المساعدات الأميركية ما بي العامين 2005 و 2008 اي بما يعادل 100000 دولار سنوياً .