Sunday, April 3, 2016

جهاد اللواط - صفحة من كتاب الخديعة



شدني بيمناه نحوه , كمن يحاول مصارعتي ممازحا , صارعته بدوري , ممازحاُ ايضاٌ , وإذ بيسراه تتسلل اسفل معدتي , مخترقةٌ بنطالي و  لباسي الداخلي , لتتحسس ذكورتي  صعقت و دفعته بشده وإنما بالحد الأدني من العنف الذي تجيزه حقيقة انه قائد القوة البحرية التي انا احد ضباطها . أدهشتني وقاحته إنما لم يفاجئني شذوذه فقد كان سراً معلناً يعرفه الجميع فأغلب كوادر حركة فنح في لبنان وجزءٌ كبيرٌ من أعضاء دورتنا بل وقيادة الساحة اللبنانية إضافةً إلي قيادة القوة البحرية المركزية كانوا يعلمون بهذا الأمر إضافةً إلى أنه كان في السبعينات قد فُصل من أحد الدورات في روسيا ثم  سجن وطرد من الحركة بسبب إتيانه اللواط وكان يومها أحد المحققين معه زكي الناصح احد قدماء الكوادر والمتواجد في عين الحلوة منذ عشرات السنين والمعروف عنه أنه إذاعة متنقلة للإخبار وأجزم أن لا احداً يعرف زكي الناصح ويجهل هذه المعلومة عنه  لكنه عاد بعدها "بقدرة قادر" إلى الحركة ونُسّب الى دورة الكلية البحرية في كراتشي , الباكستان منتصف  العام 1978 .
   .. قلت موضحاً:  انا مختص بالنساء ,  رفع كفه نحو أنفه , إشتمها بشبق , ثم قال بتهدج محاولا التغطية على حرجه بصفاقته : ألا تستحم يا رجل !؟ كان الصيف طاغٍ و الرطوبة على درجة عالية  . كأيٍ من المدن الساحلية على المتوسط , صيدا مدينة متشبعة بالرطوبة . العام 1989 حزيران و الصيف شديد الحرارة , و الرطوبة إستثنائية الشدة _ حتى بالنسبة لصيدا _ ثم أنني لم أحسب حساب ان تصل يد سيادته هناك !  ,صمتَ هنيهة , ثم غادر حجرة الأستقبال نحو احد الحجر الداخلية دون أن يدعونني للجلوس  ثم عاد بعد دقيقتين حاملا بضعة اوراق مالية بيده , كانت تلك هي مهمتي الشهرية كضابط , ناولني إياها وهو يقول : 
_ لم انت في عجلة للحصول على مهمتك ؟
_ هل صرفت مخصصك الشهري بهذه السرعة ؟
 قلت ساخراً : لا يجد المرء الكثير من المعاناة في صرف مئة دولار , حين يكون قد امضى الشهر الفائت مستديناً . قال بأسلوب من يلقي بحقيقة توصل إليها بعد تفكير عميق :
_ على المرء ان يقسم دخله إلى ثلاثة أقسام , ثلثٌ لمصاريف اكله و شربه وثلثٌ للباسه , و ثلثٌ ثالث يدخره للمستقبل .
تبسمت ، كان ذلك منطقيّاٌ وعمليّاٌ فقط إذا تعلق الأمر بثلاثة اثلاث دخلٍ كدخله هو ! كان  ذلك هو النقيب ( آنذاك وهو الآن برتبة عميد )  اكرم  احمد هواري , قائد القوة البحرية , التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الساحة اللبنانية , مربوع القامة متين البنية , تخلو ملامح وجهه من اية تعبيرات , كمثل مقامر محترف , صارم , مثابر , على درجة من الذكاء , سريع البديهة , يحترف الرصانة و يتعمّد الغموض , بل يهوى السريّة قولاٌ و عملاٌ , . كان يقول ان الشخصية الغامضة هي الشخصية الأكثر إثارة للجدل .  ولإن كان حرصه على السر و الكتمان ذا فائدة جلية في العمل العسكري , فأنه كان باهر النتائج على صعيد نشاطاته الشخصية ! كانت المقرات و المواقع التابعة له اشبه ما تكون ببلاط القيصر الروسي أيام راسبوتين , جوٌ من الغموض والتربص , مشحون برائحة الشذوذ والجنس والتأمر .  العلاقات التنظيمية مبنية على أساس رغباته الشخصية .  يقرب فلانا او علانا , لإغاظة آخر ¸ثم يعود بعد أسابيع ليبعد المقرب ويقرب المبعد على طريقة ناديا الجندي في أغلب أفلامها .  
واذكر أنني يوما جئت إلى المكتب وإذ أحد غلمانه ( اسمه الحركي ابو ماجد ولم اعد اذكر اسمه الحقيقي ) كان يكتب له على اللوح الموضع بغرفة الإستقبال بيت من الشعر الرومانسي يقول : إذا انت عاتبتَ الملولَ كإنما .. تخطُ على صفحةٍ من الماء أحرفا .. هبهُ  اروعى بعد الخصامِ ألم .. تكن مودته طبعاً فصارت تكلّفا !
 يحضرني هنا حديثٌ مع المرحوم العقيد أبو فادي مهاجر جرى العام 2003 وكنت وإياه يومها نشرب الشاي في حجرة الإستقبال في مكتب جهاز التسليح بينما أكرم في مكتبه في الغرفة المجاورة يلعب الشدّة على الكومبيوتر وكان " علي العراقي " اليافع الأملط وآخر غلمان اكرم قد غادر المكتب للتو فقال لي مهاجر :- شو كنّو اللي فيو عادة ما بيبطلها ؟ كنو هادا بينيكو ؟ فأجبته : - انت أدرى . كان جوابي جافاً كوني كنت أعلم ان مهاجر كان احد اشد المدافعين عن اكرم بل أنه زادني من الشعر بيتاً بعد ان سألني عن هذا العلي العراقي قائلاً : بتعرف , صحيح هوي هيك , بس شاطر بشغلو , وانا اللي زكّيته عن سلطان أبو العينين ليعيّنه قائدا لجهاز التسليح ! .

بعد صراعٍ طويل داخل القوة البحرية في لبنان ( سآتي على تفصيله لاحقاً ) استقرت القوة البحرية على خمسة ضباط إضافة إلى أكرم نفسه وذلك بعد أن التحق النقيب جمال كايد ( الآن برتبة لواء )  بقوات ال17 حيث أسس كتيبة بقيادته والتحق النقيب المرحوم محمود زكي إلى جهاز " المنطقة الوسطى " والذي كان على رأسه  المرحوم اللواء كمال مدحت الذي أغتيل لاحقاً في آذار 2009 بلغمٍ زرع على مدخل مخيم المية ومية  في إطار صراعٍ داخلي على السلطة والمال في حركة فتح .  النقيب جواد جادالله اختار منذ البدء ان يشكّل وحدة عسكرية لا علاقة لها بالقوة البحرية . الضباط الباقون في البحرية كانوا النقيب ثائر حجو والنقيب غسان طايش والنقيب علي الخليل والملازم أول عمر تركية وانا ثم التحق بنا لاحقاً النقيب نبيل غنيم .

كان للقوة البحرية موقعان عسكريان يقعان في قريتين مسيحيتين فارغتين من أهلهما ومهدّمتين ( بفعل الحرب الأهلية ) هما القريّة والمية ومية  وفيهما يداوم الجنود الإعتياديون الذين إلتحقوا بالقوة البحرية ( ومنهم أخي ياسر ابو العلا ) ويتعرضان يومياً لخطر الغارات الجوية الإسرائيلية التي كانت تُشنّ على مواقع الحركة بوتيرة شبه يومية , اما المقرّ الثالث فكان شقةً تقع في مبنى محمي بسكانه المدنيين فلسطينيين ولبنانيين ( فالغارات الإسرائيلية نادرا ما كانت تستهدف مواقع مدنية ) وكانت هذه الشقة مخصصة لمكتب أكرم وبضعة من الغلمان الوسيمين سأذكر أسمائهم لاحقاً والذين كان يقضي معهم شهوته مستغلاً نفوذه وأموال " موازنته التي كانت أحيانا تبلغ عشرات الألاف من الدولارات شهرياً . من الطريف انه رغم كون مكاتب حركة فتح معروفها بإنها عادةً ما تعجّ بشاربي الشاي والقهوة والزهورات كإية ديوانية فإن مكتب أكرم هو الوحيد الذي لم يوظف شخصا لعمل الشاي في يوم من الأيام حتى لا يتلصص عليه مداعبا غلمانه أو إلى ما هنالك  . هؤلاء الغلمان كانوا نوابه  القيّمين على مستودعات التموين والوقود والزوارق المطاطية والسيارات بينما كان الضباط لا يمونون على علبة لحمة او علبة سردين ولا يعلمون عن مصير الموازنة الشهرية سوى الخمسين دولاراً التي كان يتعطّف على كلٍ منا بها على شكل "مهمة " وسأعود إلى موضوع " المهمة " إضافةً إلى شقيقتها " الموازنة " في أكثر من موقع في هذا الكتاب كونهما يشكّلان معاً مصفاة للمناضلين الشرفاء – وهم قلّة – ثم الأقلّ شرفاً وهكذا صعوداً إلى رأس الهرم التنظيمي فلا يبقى فيها إلا المتزلفين الأكثر مهارة واللصوص الأكثر غنىً  والقادرين بالتالي على شراء ولاء هؤلاء المتزلفين وذممهم .

 المشهد المعتاد في مكتب رئاسة القوة : يُستدعى الجندي ابو حديد واسمه الحقيقي احمد فرعتاوي  (كبير غلمانه ) أو أيٍ من الغلمان الآخرين إلى مكتب الأخ قائد القوة البحرية في الحجرة الأخرى لمناقشة أمرٍ خطيرٍ ما ( عادةً ما يكون تسليمه مهمته أو هبة مالية اخرى أو تذكيره بأن لا يضع في حصّة الملازم اول غسان ابو العلا التموينية من اللحوم سوا الجلاميط !ويُغلق الباب بالمفتاح من الداخل على مسمع ومرأى الحضور الذين يبدون غير مبالين, لفترة قد تطول أو تقصر حسب خطورة " الموضوع " ثم تفتح الأقفال ويخرج المناضلون وفي عيونهم فلسطين والقدس والمسجد الأقصى . يمنع عن أيٍ كان أن يخبر الآخر عن حجم مهمته او مدى الحد الذي يقبل به من التحرش الجنسي من القائد وهذا الحد يترواح بين المداعبة والقبل حتى الجنس الفموي . الجنس الكامل مع الإيلاج كان يتمّ فقط في منزل أكرم فالرجل بحقّ متحفّظ!

أذكر أننا في العام 1988 طلبنا لقاء المرحوم ابو ياسر ( عبدالمعطي السبعاوي ) نائب قائد الساحة اللبنانية وقتها واجتمعنا به ذات مساء انا وجمال كايد وثائر حجو ومحمود زكي وأخذنا معنا كشاهد جندياً كان أكرم قد تحرّش به جنسياً وطالبنا بعزله من قيادة البحرية كونه يستغل سلطته لتحقيقة شهواته الجنسية فقال لنا ابو ياسر بالحرف الواحد : والله العظيم إنو إنتو المنايك مش اكرم .. يعني ما بتستحو واحدكو قد الحيط وجايين تقولوي إنو منيك بدل ما تحلّوها إنتو وبعدين تيجو عندي ! كان لدى أبو ياسر طريقة وحيدة للتعامل مع خصومه : طلقة في الرأس ثم يوضع الخصم في صندوق سيارته المركونة إلى جانب طريقٍ فرعيٍ ما أو يدفن في جبل الحليب جنوب مخيم عين الحلوة إن لم يكن يملك سيارة وهذا ما كان يلمّح إليه بجملته تلك . لم يكن بيننا قاتل وكان أكرم متحالفاً مع علاء الأفندي قائد الساحة ومعه يقتسم اموال  موازنة القوة البحرية فكانت القوة البحرية وغلمانها من نصيبه وسبحان العاطي .

الحق , لم يكن ينقصنا في القوة البحرية سوى بعض الخصيان الذين يطوفون حول قائدها أكرم هواري ( الذي اختار لنفسه اسم حركياً هو الشيخ أكرم! ) لنصبح صفحةً من صفحات رواية ألف ليلة وليلة .  

غسان أبو العلا
10/1/2015 

No comments:

Post a Comment