Sunday, April 3, 2016

منظّمة الظلّ - مقدّمة كتاب الخديعة


خلف الشعارات والخطابات والبيانات السياسيّة والأناشيد الحماسيّة, وفوق عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الأيتام وملايين الّلاجئين في مخيّمات الفقر والجهل والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانيّة, وعبر مئات الحروب والمعارك الصغيرة والكبيرة التي خيضت بأغلبها بعيداً عن الحدود الإسرائيليّة, تقبع منظمة تحرير فلسطينيّة أخرى حقيقيّةٌ, مغايرةٌ تماماً للتوصيف الإعلاني المتداول.
منظمةً لا تشغلها "حرب التحرير الشعبيّة" ولا "أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين" ولا "إقامة دولة ديمقراطيّة على كامل الأراضي الفلسطينيّة" ولا حق العودة وتقرير المصير للاجئي "شعب الجبّارين" في الداخل والشتات.
منظمّةٌ ظلّ لا علاقة لها بالمجالس التشريعيّة والثوريّة ولا باللجان التنفيذيّة والمركزيّة و"الرقابيّة", ويبلغ حجم ثروتها أكثر من 50 مليار دولار لا يعلم مصادرها ومصبّاتها إلّا حفنةً من "الموثوقين" الذين سلّمتهم قيادة م.ت.ف أسرارها وائتمنتهم على إستثماراتها. وأشهر هؤلاء المستثمرين وأكبرهم هم الدكتور رمزي الخوري مدير مكتب ياسر عرفات السابق وأحمد آغا مستشاره السابق, ومستشارٌ سابقٌ آخر هو الكردي العراقي أحمد, رشيد وبيار رزق المدير السابق لجهاز المخابرات في مليشيا "القوّات اللبنانيّة" إضافةً إلى يوسي غينوسار أحد القادة السابقين في جهازالأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) وعزراد ليف الضابط السابق في شعبة الإستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة (أمان).
كيف استطاع القادة المشغولون بالنضال جمع هذه الثروات الضخمة وأين تستثمر ومن هم أصحابها والمنتفعون بها؟ لما أشهرت م.ت.ف إفلاسها مباشرةً بعد غزو العراق بسبب توقّف دول الخليج العربي عن دعمها ماليّاً إثر موقفها الداعم لصدّام حسين وغزوه للكويت؟
كيف استطاعت القيادة الفلسطينيّة رغم إفلاسها وتوقّفها عن دفع رواتب المقاتلين وأسر الشهداء والجرحى, تأمين راتب السيّدة الأولى سهى الطويل المقيمة ما بين تونس و باريس, بشكلٍ دوريٍّ ومنتظم رغم أنّه يبلغ 100 ألف دولار شهريّاً ويفوق راتب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يتلقّى 400 ألف دولار سنويّاً؟
كم بلغ حجم الصفقة التي نقلت سهى الطويل من موقع الهجوم على وفد قيادات السلطة الفلسطينيّة إلى مستشفى بيرسي الباريسي حيث يقبع ياسر عرفات في غيبوبةٍ تامّة, إلى موقع المرافعة عنه وتبجيل "أخوة السلاح" الذين رافقوا زوجها وشاركوه نضالاته بعد أن كانت قد وصفتهم عبر قناة الجزيرة قبل يومين من سفرهم ب"حفنة من المستورثين الذين يريدون دفن ياسر عرفات حيّاً" ؟. من هو صديقها المقرّب الذي يدير أعمالها الإقتصاديّة؟ ولماذا رفضت تسليم ملف ياسر عرفات الطبّي إلى قادة السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة؟
كيف استطاع أفراد الصفّ الأوّل من القيادة الفلسطينيّة الحفاظ على مناصبهم لفترةٍ أطول من فترة حكم الأسدين معاً في سوريا, ومن فترة حكم القذافي, وحسني مبارك وعلي عبدالله صالح وبقيّة الإخوة الديكتاتوريّين؟ وكيف خاضوا كلّ هذه الحروب ولم يسقط على جبهات القتال أحدٌ منهم أو من أبنائهم أو أقربائهم أو أنسبائهم أو أصدقائهم؟ (عدا الذين قدمت الحرب إلى منازلهم لتغتالهم رمياً بالرصاص أو تفجيراً بالعبوات المتفجّرة).
أين أقام أبناء هؤلاء القادة حين كان آبائهم مشغولين بالنضال بأرواح فقراء المخيّمات الفلسطينيّة؟ وإذا قبلنا جدلاً فرضيّة أن ولديّ محمود عبّاس ليسا لصّين متكسّبين من سلطات والدهما, أفلا يخجل الرئيس الفلسطيني من حقيقة أن ولديه هذين قد عاشا طوال حياتيهما في الخليج العربي وأكملا دراساتهما في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بينما كان هو يبني مجده وسلطته على حساب أرواح أبناء الفلسطينيّين الفقراء في الأردن ولبنان وسوريا وفلسطين وأنهما لم ينضمّا إلى هذا "النضال" إلّا بعد أن ولّى عهد القتال وأتى عهد الإستثمار؟ وما هو حجم ثروتيهما وما علاقة شركاتهما بأموال الدول المانحة ؟
إلى أيّ مدىً يمكن للفساد المالي والهبوط الأخلاقي إن يتفشّى في مؤسسات تزعم "ثوريّتها" وقادةٍ لبسوا على الدوام صفة "مقاتلي الحريّة"؟ أين أقام هؤلاء القادة زمن الحروب وكم هو عدد الذين أقاموا منهم داخل المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان والأردن وسوريّا؟

غسان أبو العلا
22/1/2016

No comments:

Post a Comment