Sunday, April 3, 2016

بيان إدانة


 كانت البحرين اول من ادان قرار الحكومة الاسرائيلية بطرد الرئيس عرفات . ثم طبعا كرت السبحة العربية المعتادة من ادانات و شجب و الذي منو . و البحرين الآن هي مملكة يعتدّ بها و لم تعد مجرد امارة ضائعة بين رمال الصحراء , و لعل الادانة الصادرة عنها هذه المرة تكون طوق نجاة عرفات . اذا ما احسن استثمارها .و بالمناسبة , فأن تحول الدولة البحرينية من امارة الى مملكة , يعتبر اشد التغيرات السياسية اهميةً في منطقتنا العربية على مدى اربعة عقود و يزيد . او هو التالي في الاهمية بعد تحول ليبيا المذهل لتصبح جماهيرية عربية ليبية شعبية اشتراكية , ثم عظمى لاحقاً على يد صاحبها الذي كان اشار على عرفات بالانتحار و نحر القضية حتى لا يجلب العار على الامة . كان ذلك طبعا ايام عز (الطز في امريكا ) و لا احسبه الان يعود الى مثلها بعد ان دفع خراج البلاد و العباد جزية لصاحب الزمان جورجيوس قلب الاسد الصغير. بل لعلّه هذه المرة يشير عليه بالدفع بالتي هي احسن .اشد ما يريب في العجز العربي الرسمي  وغير الرسمي , هو انه ليس ثمة ما يريب فيه . فهو طبيعي و بديهي و اصيل . لم يعد احد يتحدث عن مؤامرة في أيامنا هذه الا المصابين بالبارانويا . بل و لم يعد هذا العجز يثير اي تساؤلٍ او دهشة . فما من احد مثلا كان يتوقع ان تبادئ قطر شارون بمثل ما بادءنا به  فتصدر قراراً بطرده من الاراضي الفلسطينية عملا بمبدأ المعاملة بالمثل . أو ان يأتي الرد السعودي انطلاقاً من قاعدة تبوك الجوية التي لم يعد لدى اسرائيل ما تخشاه سواها ! و لا جال في خاطر احد ان الرئيس علي عبدالله صالح قد يكون الآن يجري مفاوضات سرية مع مصر حول مسألة فتح خط الجبهة المصرية مع اسرائيل امام جحافل جيشه .  لم يتوقع احد من الرئيس مبارك اكثر من ان يعلن ان قرار اسرائيل يؤثر سلبا على مسيرة السلام . كما ان أحداً لم ينتظر من جماهير ديانا كرازون أكثر مما ابدته من لا مبالاة و صمتٍ غير مريب  . لم ينتظر احد من اي احد اكثر مما قام به بالظبط .  و جلّ رجاؤنا ان لا تقدم دولة الامارات في اجتماع الجامعة العربية المزمع مبادرةً  تدعو الرئيس عرفات للتنحي عن السلطة حقناً لدماء الفلسطينين و حمايةً للمنشأات و البنى التحتية الفلسطينية التي قد  تدك اثناء عملية طرده او قتله ! .في توصيف المشهد السياسي العربي , تحتاج الى قاموس من الشتائم و فقط بضعة فواصل و نقط والكثير من علامات التعجب . و القليل القليل من الحياء . و قليل من حس الدعابة لمقاربة النقاشات التي جرت في متون الصحف و المجلات و الكتب العربية التي صدرت ابان الانتقال الى الالفية الثالثة , وترنو الى مناقشاتنا المحتدمة يومها حول مشكلة الصفرين في  الحواسيب و كأننا فعلا نعيش في نفس الزمن مع بقية حواضر الارض و نقترب معهم من الالفية الثالثة .هي اذن مترا قماشٍ من أيّ لونٍٍ تشاء لصنع علمٍ ما  , حفنةٌٌ من الاعراب او اكثر قليلا او كثيراً , بضعة قصائد حماسية فارغة على شاكلة " طلعنا عليهم طلوع المنون" , ثم أضف الى الخليط قائدً ملهماً ما , ويستحسن ان تزين كتفيه ببضعة نجوم ونياشين اذاامكن , مجموعة طوابع أميرية , وعصا لزوم الامن القومي , فيصبح لديك دولةٌ عربية . كرر العملية عدة مرات , تصل الى ما تراه من وطنٍ عربيٍ عظيم .

غسان أبو العلا 


 20/9/2003

No comments:

Post a Comment